{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7)}{وَإِذْ يَعِدُكُمُ الله إِحْدَى الطائفتين} كلام مستأنف مسوق لبيان جميل صنع الله تعالى بالمؤمنين مع ما بهم من الجزع وقلة الحزم، فإذ نصب على المفعولية ضمر إن كانت متصرفة أو ظرف لمفعول ذلك الفعل، وهو خطاب للمؤمنين بطريق التلوين والالتفات و{إِحْدَى} مفعول ثاني ليعد وهو يتعدى إلى المفعول الثاني بنفسه وبالباء، أي اذكروا وقت أو الحادث وقت وعد الله تعالى إياكم إحدى الطائفتين.وقرىء {يَعِدُكُمُ} بسكون الدال تخفيفًا، وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية لاستحضار صورتها، وقوله سبحانه وتعالى: {أَنَّهَا لَكُمْ} بدل اشتمال من إحدى مبين لكيفية الوعد، أي يعدكم أن إحدى الطائفتن كائنة لكم مختصة بكم تتسلطون عليها تسلط الملاك وتتصرفون فيها كيفما شئتم {وَتَوَدُّونَ} عطف على يعدكم داخل معه حيث دخل أي تحبون {أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشوكة تَكُونُ لَكُمْ} من الطائفتين، وذات الشوكة هي النفير ورئيسهم أبو جهل، وغيرها العير ورئيسهم أبو سفيان، والتعبير عنهم بهذا العنوان للتنبيه على سبب ودادتهم لملاقاتهم وموجب كراهتهم ونفرتهم عن موافاة النفير، والشوكة في الأصل واحدة الشوك المعروف ثم استعيرت للشدة والحدة وتطلق على السلاح أيضًا؛ وفسرها بعضهم به هنا {وَيُرِيدُ الله أَن يُحِقَّ الحَقَّ} أي يظهر كونه حقًا {بكلماته} الموحى بها في هذه القصة أو أوامره للملائكة بالإمداد أو بما قضى من أسر الكفار وقتلهم وطرحهم في قليب بدر، وقرئ {بكلماته} بالإفراد لجعل المتعدد كالشيء الواحد أو على أن المراد بها كلمة كن التي هي عند الكثير عبارة عن القضاء والتكوين {وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكافرين} أي آخرهم والمراد يهلكهم جملة من أصلهم لأنه لا يفني الآخر إلا بعد فناء الأول، ومنه سمي الهلاك دبارًا. والمعنى أنتم تردون سفساف الأمور والله عز وجل يريد معاليها وما رجع إلى علو كلمة الحق وسمو رتبة الدن وشتان بين المرادين، وكأنه للإشارة إلى ذلك عبر أولًا بالودادة وثانيًا بالإرادة.